يتواصل الجدل في الاردن بعد الخشونة التي اظهرتها الاجهزة الامنية في محاولة محمومة للسيطرة على التحشدات والاحتجاحات في الشوارع التي طالت عدة مدن واحياء ومحافظات في المملكة بعد حادثة مستشفى السلط وبين الاعتبارات الوبائية والفايروسية التي تضغط بشدة على العصب الحيوي لجميع اجهزة الدولة السيادية وتحديدا وسط تزايد كبير في مخاطر القلق على النظام الصحي.
ويبدو ان خدمات النظام الصحي مع مساء يوم الثلاثاء وصلت الى مستويات اشغال غير مسبوقة فقد اعلنت العديد من المستشفيات انها ليست بصدد استقبال اي حالة جديدة في غرف الانعاش واعلنت وزارة الصحة احصاءات رقمية تشير الى ان نسبة الاشغال عموما في غرف الانعاش وغرف العزل وعمومي غرف التعاطي مع الفايروس كورونا والاصابات الكبيرة تجاوز لاول مرة حاجز الـ50 % .
طوال العام الماضي كان هاجس الحكومة الاردنية ان لا تضع النظام الصحي و المستشفيات ومرافق القطاع العام تحت هذا الضغط العنيف بعد انتشار غير مسبوق للوباء .
لكن الظروف الفايروسية والبيئية تغيرت على نطاق واسع واصبحت مثارا لنقاش حيوي حتى ان اللجنة الوبائية بدات خلف الكواليس والستارة تطالب بالعودة الى سياسة الحظر الشامل .
ولاول مرة منذ الاعلان عن فتح القطاعات والعودة الى الغاء انماط الحظر الشامل تعلن اللجنة الوبائية مساء الثلاثاء وصباح الاربعاء بان قرار الحظر الشامل بات مطروحا .
وحسب عضو اللجنة الوبائية الدكتور بسام الحجاوي فان الاتجاه نحو الحظر الشامل بات مطروحا وكخيار وحيد للحد من الحركة في ظل انتشار فايروس كورونا المستجد وارتفاع نسبة الفحوصات الايجابية .
ولم يستبعد حجاوي في حديث تلفزيوني المزيد من الارتفاع في عدد الاصابات اذا لم يلتزم المواطنون في الاجراءات الصحية معبرا عن امله في ان تكون اعداد الاصابات بالفايروس قد وصلت الى ذروتها .
الخبراء الطبيون يتوقعون ذروة تتجاوز العشرة الاف اصابة يوميا على امل ان تقل الاعداد ثم ينحصر المنحنى الوبائي وفقا للمنهجية العلمية .
وكان حاجز الاصابات والوفيات قد تجاوز كل تسجيل الارقام طوال العام الماضي في الارقام حيث تم الاعلان عن اكثر من ١٠٣٠٠ اصابة وعن عشرات الوفيات في الوقت الذي تؤشر فيه ارقام نسب الاشغال للمستشفيات في القطاعين العام والخاص الى ان مخاطر انهيار النظام الصحي باتت كبيرة لا بل وشيكة ، الامر الذي يقلق اللجنة الوبائية والمركز الوطني للوباء .
لكن يلاحظ سياسيا بصفة عامة بان هذا الارتفاع غير المسبوق في انتشار السلالة المتحورة الجديدة من الفايروس كورونا يحصل فيما لم يعين رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بعد وزيرا جديدا للصحة خلفا للوزير المستقيل الدكتور نذير عبيدات .
ولم تتضح بعد الاسباب التي تمنع الخصاونة من تعيين وزير للصحة يتولى هذا الملف الحساس والخطير الان لكن حادثة مستشفى السلط واستقالة عبيدات تم اتخاذ قرار بتكليف وزير الداخلية مازن الفراية بحقيبة الصحة مرحليا ومؤقتا فيما صرح الاخير علنا بان وظيفته ادارية محض وليست فنية ولا سياسية في قيادة وزارة الصحة وتنحصر في منع وفاة اي مواطن اردني جديد بسبب نقص الاكسجين .
ولا تشرح الحكومة اسباب عدم الاستعانة بوزير جديد للصحة في ظرف حساس او اسباب تأخر تعيين وزير جديد للصحة بالرغم من عناصر القلق التي بدأت تجمع كل اطراف العملية الصحية .
ويبدو ان الرئيس الخصاونة مضطر وفي غضون الساعات القليلة المقبلة الى الاتجاه نحو اختيار وزير جديد للصحة و تعبئة الفراغ المهم املا في استئناف المواجهة مع الفايروس كورونا .
واغلب التقدير ان نوعية الشخص الذي سيختاره الرئيس الخصاونة وزيرا للصحة في مرحلة تفشي الوباء الحالية ستؤشر على سياسة الدولة في المرحلة المقبلة خصوصا وان بيوت الخبرة في هذا المجال كثيرة وسط الانطباع العام للمراقبين السياسيين ولأعضاء مجلس النواب ايضا المطلوب الان وزير سياسي لقطاع الصحة يتولى معالجة المشكلات الادارية الكبيرة في اجهزة ومؤسسات ومستشفيات هذه الوزارة الاساسية والحيوية مما يعني ان الرئيس الخصاونة ليس بالضرورة ان يلجا لخيار تكنوقراطي محض في اختيار وزير طبيب للصحة او احد اركان القطاع الطبي الحاليين .
بكل حال هوية الشخص الذي سيعين وزيرا للصحة في مرحلة ذروة الاشتباك مع الفايروس كورونا وبعد حادثة مستشفى السلط ستعني الكثير سياسيا خصوصا وان اجواء الاضطراب على مستوى الاحتجاجات الشعبية وعودة ملامح الحراك الشعبي بعد حادثة السلط لا تزال كبيرة وقابلتها الاجهزة الامنية بخشونة واضحة بسبب السعي للعودة الى ضبط ايقاع الشارع بعد التفشي الكبير في الفايروس